منتدى الطوف
منتدى الطوف يرحب بكم , ونتمنى ان تقضوا اطيب الاوقات في المنتدى...,,,,,

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الطوف
منتدى الطوف يرحب بكم , ونتمنى ان تقضوا اطيب الاوقات في المنتدى...,,,,,
منتدى الطوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

توجيه القلوب إلى تصفح كتاب الكون

اذهب الى الأسفل

توجيه القلوب إلى تصفح كتاب الكون Empty توجيه القلوب إلى تصفح كتاب الكون

مُساهمة من طرف الغريب 2011-08-04, 7:19 pm

توجيه القلوب إلى تصفح كتاب الكون



إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ما الآيات التي في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ما الآيات التي تتراءى لأولي الألباب عندما يتفكرون في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار وهم يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وما علاقة التفكر في هذه الآيات بذكرهم الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وكيف ينتهون من التفكر فيها إلى هذا الدعاء الخاشع الواجف ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار إلى نهاية ذلك الدعاء إن التعبير يرسم هنا صورة حية من الاستقبال السليم للمؤثرات الكونية في الإدراك السليم وصورة حية من الاستجابة السليمة لهذه المؤثرات المعروضة للأنظار والأفكار في صميم الكون بالليل والنهار والقرآن يوجه القلوب والأنظار توجيها مكررا مؤكدا إلى هذا الكتاب المفتوح ; الذي لا تفتأ صفحاته تقلب فتتبدى في كل صفحة آية موحية تستجيش في الفطرة السليمة إحساسا بالحق المستقر في صفحات هذا الكتاب وفي تصميم هذا البناء ورغبة في الاستجابة لخالق هذا الخلق ومودعه هذا الحق مع الحب له والخشية منه في ذات الأوان وأولو الألباب أولو الإدراك الصحيح يفتحون بصائرهم لاستقبال آيات الله الكونية ; ولا يقيمون الحواجز ولا يغلقون المنافذ بينهم وبين هذه الآيات ويتوجهون إلى الله بقلوبهم قياما وقعودا وعلى جنوبهم فتتفتح بصائرهم وتشف مداركهم وتتصل بحقيقة الكون التي أودعها الله إياه وتدرك غاية وجوده وعلة نشأته وقوام فطرته بالإلهام الذي يصل بين القلب البشري ونواميس هذا الوجود ومشهد السماوات والأرض ومشهد اختلاف الليل والنهار لو فتحنا له بصائرنا وقلوبنا وإدراكنا لو تلقيناه كمشهد جديد تتفتح عليه العيون أول مرة لو استنقذنا حسنا من همود الإلف وخمود التكرار لارتعشت له رؤانا ولاهتزت له مشاعرنا ولأحسسنا أن وراء ما فيه من تناسق لا بد من يد تنسق ; ووراء ما فيه من نظام لا بد من عقل يدبر ; ووراء ما فيه من إحكام لا بد من ناموس لا يتخلف وأن هذا كله لا يمكن أن يكون خداعا ولا يمكن أن يكون جزافا ولا يمكن أن يكون باطلا ولا ينقص من اهتزازنا للمشهد الكوني الرائع أن نعرف أن الليل والنهار ظاهرتان ناشئتان من دورة الأرض حول نفسها أمام الشمس ولا أن تناسق السماوات والأرض مرتكز إلى الجاذبية أو غير الجاذبية هذه فروض تصح أو لا تصح وهي في كلتا الحالتين لا تقدم ولا تؤخر في استقبال هذه العجيبة الكونية واستقبال النواميس الهائلة الدقيقة التي تحكمها وتحفظها وهذه النواميس أيا كان اسمها عند الباحثين من بني الإنسان هي آية القدرة وآية الحق في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والسياق القرآني هنا يصور خطوات الحركة النفسية التي ينشئها استقبال مشهد السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار في مشاعر أولي الألباب تصويرا دقيقا وهو في الوقت ذاته تصوير إيحائي يلفت القلوب إلى المنهج الصحيح في التعامل مع الكون وفي التخاطب معه بلغته والتجاوب مع فطرته وحقيقته والانطباع بإشاراته وإيحاءاته ويجعل من كتاب الكون المفتوح كتاب معرفة للإنسان المؤمن الموصول بالله وبما تبدعه يد الله وإنه يقرن ابتداء بين توجه القلب إلى ذكر الله وعبادته قياما وقعودا وعلى جنوبهم وبين التفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار فيسلك هذا التفكر مسلك العبادة ويجعله جانبا من مشهد الذكر فيوحي بهذا الجمع بين الحركتين بحقيقتين هامتين الحقيقة الأولى أن التفكر في خلق الله والتدبر في كتاب الكون المفتوح وتتبع يد الله المبدعة وهي تحرك هذا الكون وتقلب صفحات هذا الكتاب هو عبادة لله من صميم العبادة وذكر لله من صميم الذكر ولو اتصلت العلوم الكونية التي تبحث في تصميم الكون وفي نواميسه وسننه وفي قواه ومدخراته وفي أسراره وطاقاته لو اتصلت هذه العلوم بتذكر خالق هذا الكون وذكره والشعور بجلاله وفضله لتحولت من فورها إلى عبادة لخالق هذا الكون وصلاة ولاستقامت الحياة بهذه العلوم واتجهت إلى الله ولكن الاتجاه المادي الكافر يقطع ما بين الكون وخالقه ويقطع ما بين العلوم الكونية والحقيقة الأزلية الأبدية ; ومن هنا يتحول العلم أجمل هبة من الله للإنسان لعنة تطارد الإنسان وتحيل حياته إلى جحيم منكرة وإلى حياة قلقة مهددة وإلى خواء روحي يطارد الإنسان كالمارد الجبار والحقيقة الثانية أن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها الموحية إلا للقلوب الذاكرة العابدة وأن هؤلاء الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار هم الذين تتفتح لبصائرهم الحقائق الكبرى المنطوية في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار وهم الذين يتصلون من ورائها بالمنهج الإلهي الموصل إلى النجاة والخير والصلاح فأما الذين يكتفون بظاهر من الحياة الدنيا ويصلون إلى أسرار بعض القوى الكونية بدون هذا الاتصال فهم يدمرون الحياة ويدمرون أنفسهم بما يصلون إليه من هذه الأسرار ويحولون حياتهم إلى جحيم نكد وإلى قلق خانق ثم ينتهون إلى غضب الله وعذابه في نهاية المطاف فهما أمران متلازمان تعرضهما هذه الصورة التي يرسمها القرآن لأولي الألباب في لحظة الاستقبال والاستجابة والاتصال إنها لحظة تمثل صفاء القلب وشفافية الروح وتفتح الإدراك واستعداده للتلقي كما تمثل الاستجابة والتأثر والانطباع إنها لحظة العبادة وهي بهذا الوصف لحظة اتصال ولحظة استقبال فلا عجب أن يكون الاستعداد فيها لإدراك الآيات الكونية أكبر ; وأن يكون مجرد التفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ملهما للحقيقة الكامنة فيها ولإدراك أنها لم تخلق عبثا ولا باطلا ومن ثم تكون الحصيلة المباشرة للخطة الواصلة ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ما خلقت هذا الكون ليكون باطلا ولكن ليكون حقا الحق قوامه والحق قانونه والحق أصيل فيه إن لهذا الكون حقيقة فهو ليس عدما كما تقول بعض الفلسفات وهو يسير وفق ناموس فليس متروكا للفوضى وهو يمضي لغاية فليس متروكا للمصادقة وهو محكوم في وجوده وفي حركته وفي غايته بالحق لا يتلبس به الباطل هذه هي اللمسة الأولى التي تمس قلوب أولي الألباب من التفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار بشعور العبادة والذكر والاتصال وهي اللمسة التي تطبع حسهم بالحق الأصيل في تصميم هذا الكون فتطلق ألسنتهم بتسبيح الله وتنزيهه عن أن يخلق هذا الكون باطلا ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ثم تتوالى الحركات النفسية تجاه لمسات الكون وإيحاءاته فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار فما العلاقة الوجدانية بين إدراك ما في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار من حق وبين هذه الارتعاشة المنطلقة بالدعاء الخائف الواجف من النار إن إدراك الحق الذي في تصميم هذا الكون وفي ظواهره معناه عند أولي الألباب أن هناك تقديرا وتدبيرا وأن هناك حكمة وغاية وأن هناك حقا وعدلا وراء حياة الناس في هذا الكوكب ولا بد إذن من حساب ومن جزاء على ما يقدم الناس من أعمال ولا بد إذن من دار غير هذه الدار يتحقق فيها الحق والعدل في الجزاء فهي سلسلة من منطق الفطرة والبداهة تتداعى حلقاتها في حسهم على هذا النحو السريع لذلك تقفز إلى خيالهم صورة النار فيكون الدعاء إلى الله أن يقيهم منها هو الخاطر الأول المصاحب لإدراك الحق الكامن في هذا الوجود وهي لفتة عجيبة إلى تداعي المشاعر عند ذوي البصائر ثم تنطلق ألسنتهم بذلك الدعاء الطويل الخاشع الواجف الراجف المنيب ذي النغم العذب والإيقاع المنساب والحرارة البادية في المقاطع والأنغام ولا بد من وقفة أمام الرجفة الأولى وهم يتجهون إلى ربهم ليقيهم عذاب النار لا بد من وقفة أمام قولهم ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار إنها تشي بأن خوفهم من النار إنما هو خوف قبل كل شيء من الخزي الذي يصيب أهل النار وهذه الرجفة التي تصيبهم هي أولا رجفة الحياء من الخزي الذي ينال أهل النار فهي ارتجافة باعثها الأكبر الحياء من الله فهم أشد حساسية به من لذع النار كما أنها تشي بشعور القوي بأنه لا ناصر من الله وأن الظالمين ما لهم من أنصار ثم نمضي مع الدعاء الخاشع الطويل ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار فهي قلوب مفتوحة ; ما إن تتلقى حتى تستجيب وحتى تستيقظ فيها الحساسية الشديدة فتبحث أول ما تبحث عن تقصيرها وذنوبها ومعصيتها فتتجه إلى ربها تطلب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات والوفاة مع الأبرار ويتسق ظل هذه الفقرة في الدعاء مع ظلال السورة كلها في الاتجاه إلى الاستغفار والتطهر من الذنب والمعصية في المعركة الشاملة مع شهوات النفس ومع الذنب والخطيئة المعركة التي يتوقف على الانتصار فيها ابتداء كل انتصار في معارك الميدان مع أعداء الله وأعداء الإيمان والسورة كلها وحدة متكاملة متناسقة الإيقاعات والظلال وختام هذا الدعاء توجه ورجاء واعتماد واستمداد من الثقة بوفاء الله بالميعاد ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فهو استنجاز لوعد الله الذي بلغته الرسل وثقة بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد ورجاء في الإعفاء من الخزي يوم القيامة يتصل بالرجفة الأولى في هذا الدعاء ويدل على شدة الخوف من هذا الخزي وشدة تذكره واستحضاره في مطلع الدعاء وفي ختامه مما يشي بحساسية هذه القلوب ورقتها وشفافيتها وتقواها وحيائها من الله والدعاء في مجموعة يمثل الاستجابة الصادقة العميقة لإيحاء هذا الكون وإيقاع الحق الكامن فيه في القلوب السليمة المفتوحة ولا بد من وقفة أخرى أمام هذا الدعاء من جانب الجمال الفني والتناسق في الأداء إن كل سورة من سور القرآن تغلب فيها قافية معينة لآياتها والقوافي في القرآن غيرها في الشعر فيه ليست حرفا متحدا ولكنها إيقاع متشابه مثل بصير حكيم مبين مريب الألباب الأبصار النار قرار خفيا شقيا شرقيا شيئا إلخ وتغلب القافية الأولى في مواضع التقرير والثانية في مواضع الدعاء والثالثة في مواضع الحكاية وسورة آل عمران تغلب فيها القافية الأولى ولم تبعد عنها إلا في موضعين أولهما في أوائل السورة وفيه دعاء والثاني هنا عند هذا الدعاء الجديد وذلك من بدائع التناسق الفني في التعبير القرآني فهذا المد يمنح الدعاء رنة رخية وعذوبة صوتية تناسب جو الدعاء والتوجه والابتهال وهناك ظاهرة فنية أخرى إن عرض هذا المشهد مشهد التفكر والتدبر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار يناسبه دعاء خاشع مرتل طويل النغم عميق النبرات فيطول بذلك عرض المشهد وإيحاءاته ومؤثراته على الأعصاب والأسماع والخيال فيؤثر في الوجدان بما فيه من خشوع وتنغيم وتوجه وارتجاف وهنا طال المشهد بعباراته وطال بنغماته مما يؤدي غرضا أصيلا من أغراض التعبير القرآني ويحقق سمة فنية أصيلة من سماته ثم طال بالرد عليه والاستجابة له كذلك فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار وهي استجابة مفصلة وتعبير مطول يتناسق مع السمة الفنية للتعبير القرآني ; وفق مقتضى الحال ومتطلبات الموقف من الجانب النفسي والشعوري ثم نخلص لمحتويات هذه الاستجابة الإلهية ودلالتها على طبيعة هذا المنهج الإلهي ومقوماته ثم على طبيعة منهج التربية الإسلامية وخصائصه إن أولي الألباب هؤلاء تفكروا في خلق السماوات والأرض وتدبروا اختلاف الليل والنهار وتلقوا من كتاب الكون المفتوح واستجابت فطرتهم لإيحاء الحق المستكن فيه فاتجهوا إلى ربهم بذلك الدعاء الخاشع الواجف الطويل العميق ثم تلقوا الاستجابة من ربهم الكريم الرحيم على دعائهم المخلص الودود فماذا كانت الاستجابة لقد كانت قبولا للدعاء وتوجيها إلى مقومات هذا المنهج الإلهي وتكاليفه في آن فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض إنه ليس مجرد التفكر ومجرد التدبر وليس مجرد الخشوع والارتجاف وليس مجرد الاتجاه إلى الله لتكفير السيئات والنجاة من الخزي ومن النار إنما هو العمل العمل الإيجابي الذي ينشأ عن هذا التلقي وعن هذه الاستجابة وعن هذه الحساسية الممثلة في هذه الارتجافة العمل الذي يعتبره الإسلام عبادة كعبادة التفكر والتدبر والذكر والاستغفار والخوف من الله والتوجه إليه بالرجاء بل العمل الذي يعتبره الإسلام الثمرة الواقعية المرجوة لهذه العبادة والذي يقبل من الجميع ذكرانا وإناثا بلا تفرقة ناشئة من اختلاف الجنس فكلهم سواء في الإنسانية بعضهم من بعض وكلهم سواء في الميزان ثم تفصيل للعمل تتبين منه تكاليف هذه العقيدة في النفس والمال ; كما تتبين منه طبيعة المنهج وطبيعة الأرض التي يقوم عليها وطبيعة الطريق وما فيه من عوائق وأشواك وضرورة مغالبة العوائق وتكسير الأشواك وتمهيد التربة للنبتة الطيبة والتمكين لها في الأرض أيا كانت التضحيات وأيا كانت العقبات فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب وقد كانت هذه صورة الداعين المخاطبين بهذا القرآن أول مرة الذين هاجروا من مكة وأخرجوا من ديارهم في سبيل العقيدة وأوذوا في سبيل الله لا في أي غاية سواه وقاتلوا وقتلوا ولكنها صورة أصحاب هذه العقيدة في صميمها في كل أرض وفي كل زمان صورتها وهي تنشأ في الجاهلية أية جاهلية في الأرض المعادية لها أية أرض وبين القوم المعادين أي قوم فتضيق بها الصدور وتتأذى بها الأطماع والشهوات وتتعرض للأذى والمطاردة وأصحابها في أول الأمر قلة مستضعفة ثم تنمو النبتة الطيبة كما لا بد أن تنمو على الرغم من الأذى وعلى الرغم من المطاردة ثم تملك الصمود والمقاومة والدفاع عن نفسها فيكون القتال ويكون القتل وعلى هذا الجهد الشاق المرير يكون تكفير السيئات ويكون الجزاء ويكون الثواب هذا هو الطريق طريق هذا المنهج الرباني الذي قدر الله أن يكون تحققه في واقع الحياة بالجهد البشري وعن طريق هذا الجهد وبالقدر الذي يبذله المؤمنون المجاهدون في سبيل الله ابتغاء وجه الله وهذه هي طبيعة هذا المنهج ومقوماته وتكاليفه ثم هذه هي طريقة المنهج في التربية وطريقته في التوجيه للانتقال من مرحلة التأثر الوجداني بالتفكر والتدبر في خلق الله ; إلى مرحلة العمل الإيجابي وفق هذا التأثر تحقيقا للمنهج الذي أراده الله ثم التفاتة واقعية إلى الفتنة المستكنة في المتاع المتاح في هذه الأرض للكفار والعصاة والمعادين لمنهج الله التفاتة لإعطاء هذا المتاع وزنه الصحيح وقيمته الصحيحة حتى لا يكون فتنة لأصحابه ثم كي لا يكون فتنة للمؤمنين الذي يعانون ما يعانون من أذى وإخراج من الديار وقتل وقتال لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار وتقلب الذين كفروا في البلاد مظهر من مظاهر النعمة والوجدان ومن مظاهر المكانة والسلطان وهو مظهر يحيك في القلوب منه شيء لا محالة يحيك منه شيء في قلوب المؤمنين ; وهم يعانون الشظف والحرمان ويعانون الأذى والجهد ويعانون المطاردة أو الجهاد وكلها مشقات وأهوال بينما أصحاب الباطل ينعمون ويستمتعون ويحيك منه شيء في قلوب الجماهير الغافلة وهي ترى الحق وأهله يعانون هذا العناء والباطل وأهله في منجاة بل في مسلاة ويحيك منه شيء في قلوب الضالين المبطلين أنفسهم ; فيزيدهم ضلالا وبطرا ولجاجا في الشر والفساد هنا تأتي هذه اللمسة لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد متاع قليل ينتهي ويذهب أما المأوى الدائم الخالد فهو جهنم وبئس المهاد وفي مقابل المتاع القليل الذاهب جنات وخلود وتكريم من الله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار وما يشك أحد يضع ذلك النصيب في كفة وهذا النصيب في كفة أن ما عند الله خير للأبرار وما تبقى في القلب شبهة في أن كفة الذين اتقوا أرجح من كفة الذين كفروا في هذا الميزان وما يتردد ذو عقل في اختيار النصيب الذي يختاره لأنفسهم أولو الألباب إن الله سبحانه في موضع التربية وفي مجال إقرار القيم الأساسية في التصور الإسلامي لا يعد المؤمنين هنا بالنصر ولا يعدهم بقهر الأعداء ولا يعدهم بالتمكين في الأرض ولا يعدهم شيئا من الأشياء في هذه الحياة مما يعدهم به في مواضع أخرى ومما يكتبه على نفسه لأوليائه في صراعهم مع أعدائه إنه يعدهم هنا شيئا واحدا هو ما عند الله فهذا هو الأصل في هذه الدعوة وهذه هي نقطة الانطلاق في هذه العقيدة التجرد المطلق من كل هدف ومن كل غاية ومن كل مطمع حتى رغبة المؤمن في غلبة عقيدته وانتصار كلمة الله وقهر أعداء الله حتى هذه الرغبة يريد الله أن يتجرد منها المؤمنون ويكلوا أمرها إليه وتتخلص قلوبهم من أن تكون هذه شهوة لها ولو كانت لا تخصها هذه العقيدة عطاء ووفاء وأداء فقط وبلا مقابل من أعراض هذه الأرض وبلا مقابل كذلك من نصر وغلبة وتمكين واستعلاء ثم انتظار كل شيء هناك ثم يقع النصر ويقع التمكين ويقع الاستعلاء ولكن هذا ليس داخلا في البيعة ليس جزءا من الصفقة ليس في الصفقة مقابل في هذه الدنيا وليس فيها إلا الأداء والوفاء والعطاء والابتلاء على هذا كانت البيعة والدعوة مطاردة في مكة ; وعلى هذا كان البيع والشراء ولم يمنح الله المسلمين النصر والتمكين والاستعلاء ; ولم يسلمهم مقاليد الأرض وقيادة البشرية إلا حين تجردوا هذا التجرد ووفوا هذا الوفاء قال محمد بن كعب القرظي وغيره قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله ص يعني ليلة العقبة ونقباء الأوس والخزرج يبايعونه ص على الهجرة إليهم اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال < أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم > قال فما لنا إذا فعلنا ذلك قال < الجنة > قالوا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل هكذا الجنة والجنة فقط لم يقل النصر والعز والوحدة والقوة والتمكين والقيادة والمال والرخاء مما منحهم الله وأجراه على أيديهم فذلك كله خارج عن الصفقة وهكذا ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل لقد أخذوها صفقة بين متبايعين ; أنهي أمرها وأمضي عقدها ولم تعد هناك مساومة حولها وهكذا ربى الله الجماعة التي قدر أن يضع في يدها مقاليد الأرض وزمام القيادة وسلمها الأمانة الكبرى بعد أن تجردت من كل أطماعها وكل رغباتها وكل شهواتها حتى ما يختص منها بالدعوة التي تحملها والمنهج الذي تحققه والعقيدة التي تموت من أجلها فما يصلح لحمل هذه الأمانة الكبرى من بقي له أرب لنفسه في نفسه أو بقيت فيه بقية لم تدخل في السلم كافة

الغريب
عضو مجتهد
عضو مجتهد

عدد المساهمات : 193
تاريخ التسجيل : 26/11/2009
العمر : 37
ساكن في : البيت هههههههههههههههه

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى